ضيوف الرحمن يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية وسط تنظيم متكامل وخدمات نوعية
تقرير صحفي من اعداد وتقديم – ناصر مضحي الحربي
منى – الأربعاء 8 ذو الحجة 1446هـ:
بدأ حجاج بيت الله الحرام صباح اليوم الأربعاء، الثامن من شهر ذي الحجة 1446هـ، في التوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، اتباعًا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، استعدادًا للوقوف بعرفة غدًا في الركن الأعظم من الحج. وقد صدحت أصوات التلبية في أرجاء المشعر، في مشهد إيماني مؤثر تجلى فيه الخشوع والانقياد لله تعالى، معبرين عن شوقهم لهذا الركن الخامس الذي اجتمعوا من أجله من مشارق الأرض ومغاربها.
ميدان شعائري وروحاني
ويبيت الحجاج في منى هذا اليوم اقتداءً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث يُمضون ليلتهم استعدادًا للصعود إلى عرفات صبيحة التاسع من ذي الحجة. ويؤدي الحجاج في منى صلواتهم قصرًا دون جمع، مكثرين من الدعاء والتكبير.
يقول الحاج محمد عبدالله – من السودان:
“الحمد لله الذي بلّغنا الحج هذا العام. الوجود في منى اليوم حلم طال انتظاره. نشعر بالسكينة والراحة بفضل التنظيم الرائع والخدمات المتوفرة في كل زاوية. الدعاء لا ينقطع والقلوب معلقة بالله.”
أما الحاج أحمد علي – من إندونيسيا، فقد عبّر عن شكره للمملكة العربية السعودية قائلًا:
“كل شيء منظم بطريقة مذهلة. رجال الأمن متواجدون لإرشاد الحجاج، والخدمات الصحية والمياه والطعام متوفرة بشكل جيد. جزى الله المملكة وقيادتها خير الجزاء.”
اهتمام قيادي وتكامل خدمي
وتولي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – اهتمامًا بالغًا بمشعر منى، استشعارًا لحجم الحشود والمدة الزمنية التي يقضيها الحجاج في هذا المشعر، حيث سخّرت القيادة كافة الإمكانات البشرية والتقنية لخدمتهم، تحقيقًا لرؤية المملكة في تقديم أفضل تجربة حج ممكنة.
وفي تصريح للمتحدث باسم هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة، أوضح:
“تم الانتهاء من جميع مراحل التجهيز في مشعر منى قبل وقت كافٍ، بما يشمل المرافق الصحية، وشبكات المياه، وأنظمة النقل الترددي. الفرق الميدانية تتابع على مدار الساعة لضمان أعلى معايير السلامة والخدمة.”
جهود أمنية وصحية متواصلة
وذكرت الجهات الأمنية أن خطط التصعيد إلى منى تمت وفق انسيابية مدروسة، بالتنسيق مع وزارة الحج والعمرة، وسط منظومة متكاملة تشمل رجال الأمن، الطوارئ، الإسعاف، والكشافة، ما ساعد على تسهيل تدفق الحجاج إلى مواقعهم دون ازدحام يُذكر.
من جانبه، قال قائد قوات أمن الحج لشؤون المشاعر المقدسة:
“فرقنا منتشرة في كامل مشعر منى، وتم تفعيل الخطط الوقائية والتنظيمية لضمان سلامة ضيوف الرحمن، خاصة في أوقات الذروة، مع التركيز على دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.”
مشهد إيماني لا يتكرر
وفي أجواء روحانية خالصة، اختلطت مشاعر الحجاج بين الرجاء والخشوع، والدعاء والدموع، وهم يستشعرون عظمة اللحظة التي طالما تمنوها. مشهد يوحّد القلوب واللغات، ويجسّد مبدأ الأخوة الإسلامية في أبهى صورها.
تقول الحاجة خديجة مصطفى – من المغرب:
“نحن نعيش لحظات لا تُقدّر بثمن. الدعاء يعلو من كل مكان، ولا يوجد فرق بين عربي وأعجمي، الكل هنا متساوٍ في العبادة والتقرب إلى الله.”
في الختام
يتواصل المشهد الإيماني في منى حتى طلوع شمس التاسع من ذي الحجة، حيث تستعد القوافل للانطلاق إلى عرفات في الوقفة الكبرى، وسط متابعة دقيقة من الجهات المختصة، ووسط دعوات الحجاج بأن يتم الله عليهم حجهم، ويتقبل منهم صالح أعمالهم، ويكتب لهم العودة إلى ديارهم سالمين غانمين مغفورًا لهم.